فريق بحثي صيني يستخدم الذكاء الاصطناعي لفك واحدة من أعمق ألغاز علم الأحياء، عبر تعليم الآلة "لغة البروتينات"
لطالما تساءل العلماء: كيف يمكن لكائنات لا يجمعها أصل قريب، مثل الخفافيش والحيتان، أن تطور نفس المهارة المعقدة (كتحديد الموقع بالصدى)؟ اليوم، يأتي الجواب من عالم الذكاء الاصطناعي. ففي وقت تتغلغل فيه هذه التقنية في كل جانب من جوانب حياتنا، يستخدمها فريق بحثي صيني الآن لفك واحدة من أعمق ألغاز علم الأحياء، عبر تعليم الآلة "لغة البروتينات"، مما يفتح الباب أمام فهم أسرار تطور الحياة على كوكبنا.
دليل لفهم هذا الإنجاز العلمي
أعلن فريق من معهد علم الحيوان في الصين عن اكتشاف ثوري، مستخدماً الذكاء الاصطناعي لتفسير ظاهرة "التطور المتقارب". إليك دليل مبسط لفهم ما حدث:
الظاهرة المحيرة: "التطور المتقارب"
ما هي؟ هي ظاهرة تطور فيها كائنات حية من سلالات مختلفة تماماً سمات أو وظائف متشابهة، لأنها تعيش في بيئات متشابهة أو تواجه نفس التحديات.
المثال الكلاسيكي: الخفافيش (ثدييات طائرة) والحيتان المسننة (ثدييات بحرية). لا قرابة مباشرة بينهما، لكن كليهما طوّر نظام "السونار" أو تحديد الموقع بالصدى للتنقل والبحث عن الطعام في بيئته.
الأداة السحرية: "لغة البروتين" والذكاء الاصطناعي
ما هي لغة البروتين؟ تماماً مثلما تتكون لغتنا من حروف تشكل كلمات وجُملاً ذات معنى، تتكون البروتينات في أجسام الكائنات الحية من "أحماض أمينية" تشكل تسلسلات معقدة. هذه التسلسلات هي التي تحدد شكل البروتين ووظيفته.
دور الذكاء الاصطناعي: طور الفريق الصيني نموذجاً لغوياً (مثل ChatGPT ولكن للبيولوجيا) يمكنه "قراءة" وفهم تسلسلات الأحماض الأمينية هذه. لا يرى النموذج مجرد رموز، بل يفهم "المعنى" الوظيفي والهيكلي الأعمق لهذه البروتينات.
كيف تم حل اللغز؟
ابتكر الفريق إطاراً تحليلياً حسابياً أطلقوا عليه اسم "ACEP".
باستخدام هذا الإطار، قاموا بتحليل بروتينات الخفافيش والحيتان المسننة.
كشف الذكاء الاصطناعي عن وجود "ملامح عالية المستوى" متشابهة في بروتينات الكائنين، وهي المسؤولة عن ظهور قدرة تحديد الموقع بالصدى. بمعنى آخر، وجد الذكاء الاصطناعي أن الطبيعة استخدمت "جُملاً بروتينية" متشابهة لتحقيق نفس الوظيفة، رغم أن "القصة التطورية" لكل كائن مختلفة تماماً.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟ بحسب قائد الفريق البحثي، تسو تشنغ تينغ، فإن هذا العمل لا يعمق فهمنا لقوانين تطور الحياة فحسب، بل يثبت أيضاً القوة الهائلة للذكاء الاصطناعي في حل أعقد المسائل البيولوجية، ويفتح الباب لتطبيقات أوسع في المستقبل.